أدبيات وابداعات عربية للنساء والرجال (منتدى القلب)
ادب وفن وحياة
أدبيات وابداعات عربية للنساء والرجال (منتدى القلب)
ادب وفن وحياة
أدبيات وابداعات عربية للنساء والرجال (منتدى القلب)
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


محبة كبيرة ..فكر عريق..حرية في الابداع..حرية الفكر
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» لأعراس الفلسطينية تراث متجدد في مخيمات الشتات\أحمد ديوان – مخيم البداوي
الشاعر توفيقي بلعيد يطلق النار ويشعل حرائق السنوات المجيدة Icon_minitimeالأحد أغسطس 25, 2013 6:42 am من طرف ميرندا عبد الرحيم العلان

» زغاريد فلسطينية 4
الشاعر توفيقي بلعيد يطلق النار ويشعل حرائق السنوات المجيدة Icon_minitimeالأحد أغسطس 25, 2013 6:33 am من طرف ميرندا عبد الرحيم العلان

» زغاريد فلسطينية 3
الشاعر توفيقي بلعيد يطلق النار ويشعل حرائق السنوات المجيدة Icon_minitimeالأحد أغسطس 25, 2013 6:30 am من طرف ميرندا عبد الرحيم العلان

» زغاريد فلسطينية 2
الشاعر توفيقي بلعيد يطلق النار ويشعل حرائق السنوات المجيدة Icon_minitimeالأحد أغسطس 25, 2013 6:12 am من طرف ميرندا عبد الرحيم العلان

» زغاريد فلسطينية...
الشاعر توفيقي بلعيد يطلق النار ويشعل حرائق السنوات المجيدة Icon_minitimeالأحد أغسطس 25, 2013 6:10 am من طرف ميرندا عبد الرحيم العلان

» وفي نهاية الورقه / نقدم الاقتراحات \ خالد الطريفي
الشاعر توفيقي بلعيد يطلق النار ويشعل حرائق السنوات المجيدة Icon_minitimeالسبت يونيو 16, 2012 3:22 am من طرف ميرندا عبد الرحيم العلان

»  كل عام وانتم /بخير المسرحيون يريدون / والناس يريدون / الوزاره والحكومه ماذاتريد /خالد الطريفي
الشاعر توفيقي بلعيد يطلق النار ويشعل حرائق السنوات المجيدة Icon_minitimeالسبت يونيو 16, 2012 3:19 am من طرف ميرندا عبد الرحيم العلان

» المسرحيون بماذا يحلمون ؟! ..خالد الطريفي..
الشاعر توفيقي بلعيد يطلق النار ويشعل حرائق السنوات المجيدة Icon_minitimeالسبت يونيو 16, 2012 3:16 am من طرف ميرندا عبد الرحيم العلان

» خالد الطريفي..( المسرح بين المبنى والمعنى )
الشاعر توفيقي بلعيد يطلق النار ويشعل حرائق السنوات المجيدة Icon_minitimeالسبت يونيو 16, 2012 3:09 am من طرف ميرندا عبد الرحيم العلان

ازرار التصفُّح
 البوابة
 الفهرس
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 ابحـث
منتدى
التبادل الاعلاني
pubarab
pubarab

 

 الشاعر توفيقي بلعيد يطلق النار ويشعل حرائق السنوات المجيدة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
توفيقي بلعيد
عضو مميز
عضو مميز
توفيقي بلعيد


ذكر
عدد الرسائل : 29
العمر : 72
الموقع : http://poetemarocain.jeeran.com/
تاريخ التسجيل : 04/12/2009

الشاعر توفيقي بلعيد يطلق النار ويشعل حرائق السنوات المجيدة Empty
مُساهمةموضوع: الشاعر توفيقي بلعيد يطلق النار ويشعل حرائق السنوات المجيدة   الشاعر توفيقي بلعيد يطلق النار ويشعل حرائق السنوات المجيدة Icon_minitimeالسبت ديسمبر 05, 2009 5:25 am

حوار:الشاعر توفيقي بلعيد يطلق النار ويشعل حرائق السنوات المجيدة


حــــــــــــــــــــــوار(1)







االشاعر توفيقي بلعيد يطلق النار ويشعل حرائق السنوات المجيدة



الشاعر هو الكائن الذي يخرج من صلب ذاته ولا يدين لأحد بولاء الإلهام





لقد كان الشعر حلال السبعينيات سلوكا من أجل إرساءصروح العدل والخير والجمال....


الإنسان المعتقل والمحاصر قادرعلى الذهاب أكثرمن قيده بل ابعد من جسده






في هذا الحوار، الذي أجراه الصديق العزيز محمد مفيد مع الشاعر توفيقي بلعيد، مكاشفة واستبطان وحديث في أودية وشجون ومناخات تلتقي جميعها مع القصيدة باعتبارها انشغالا وَلُوعًا بالكلماتِ،وباعتبار كينونتها هي جزء من الحياة، أو هي الحياة كلها...

شاعر يكتب بمذاق خاص،يكتب من موقع الواجب والقصدية والوظيفة...لنلتئم معه في هذه الرفقة الطيبة،ولكم واسع الاكتشاف. ..(المحرر)



*********************************************************



حاوره مفيد محمد



س 1: ماذا يعني أن تقرأ الشعر أمام الجمهور في السبعينات و الآن؟



ج : إنك تعيدني إلى الزمن الملتهب،الرائع والأكثر نقاء من أكاذيب وانتهازية
الزمن الرديء...
الخمسينيات..الستينيات..السبعينيات:درب مشتعل بالحرب المقدسة ضد الاستعمار والإمبريالية والرجعية العربية..

حرب لا هوادة فيها ضد الانتهازية والخيانة والقهر...وكل أنواع المظالم التي
تمس الإنسان في كل مكان من هذا
الكوكب..حرب عادلة تلك التي انطلقت ضد الاستعمار وأذنابه،مرورا بالثورات للإطاحة بالديكتاتوريات...وصولا

إلى سنة 1968 ثورة الطلاب والشباب عامة بفرنسا والصين،ثورة سياسية
وثقافية ضد السكونية والزيف والاستغلال
المظاهرات التي اجتاحت بعض المدن العربية..انبثاق الثورة الفلسطينية من قلب
هزيمة الأنظمة العربية..الدار البيضاء سنة 1965 ..اليسار العربي وهو
يقتحم المواقع..ثورة عُمان..أحداث عَمان...اليسار المغربي يقيم المحاكمات
[ من قلب محاكم النظام] ويرفع من بين القيود علامات النصر وشعار
الاشتراكية والديمقراطية...الحرب الأهلية بلبنان..الشباب والمناضلون وهم
ينشدون: " هوشي يا بطل الثوار/ غدا سنلتقي في أنغولا/ في موزنبيق/ وفي فيتنام"..
أو وهم ينهون فصول محاكماتهم الجائرة بنشيدهم الرائع:

" لنا يا رفاق لقاء غدا / سنأتي ولن نخلف الموعدا / فهذه الجماهير في صفنا/
ودرب النضال يمدد اليدا / سنشعلها ثورة في الجبال/ سنشعلها ثورة في التلال /
وفي كل شبر سنبعثها / نشيدا يجدد روح النضال/ نشيدا يجدد روح النضال.../
فلا السجن يوقفنا والخطوب/ وليس يهدم عزم الشعوب/
طغاة النظام مضى عهدهم / وشمسهم أذنت للغروب/ وشمسهم أذنت للغروب..."
ما عسى الشعراء الأقزام،الذين يُقَعّدون للقعود،أن يفعلوا أمام هذا المد الملتهب؟
ما عساهم يقولون للجمهور الذي كان يتجاوز الآلاف أحيانا تهتز له مدرجات الكليات والشوارع..؟ماذا عسى أولائك الذين تسندهم المسابقات الشعرية لهذه الجهة أو تلك أن يفعلوا حينذاك..؟
أن تقرأ القصيدة وقتها أمام الجمهور معناه أن تكون قائد كتيبة من حلم ونبض
ومن المواقف الجليلة..وأن تكون قادرا على المجازفة وتحويل القوافي إلى فوهات مدافع تدك بها حصون الزيف وتعمل على إسقاط الأقنعة ،وأن تتهيأ لدفع
الثمن الغالي،ذلك الثمن الذي دفعه مجموعة من الشعراء سجنا ومصادرة أو تهميشا
من طرف السلاحف والأرانب المذعورة وقتها الصاعدة من خلفية
المشهد الخير،مدفوعة في خضم اختلاط الأوراق ،وفي خضم التنازلات مرتدية
لبوس الثعالب والحيات...
خلال السبعينات لم يكن هم القصيدة أن تتبرج لتنال إعجاب المارة،أو أن تتم
مغازلتها من طرف "ناقد" أخذ الثمن عدا ونقدا وجعة باردة..لقد كانت [القصيدة] سلاحا من أسلحتنا المتعددة،وكان المبدع صاحب قضية..كان عضويا بكل ما في الكلمة من معنى...
الآن،وهو ما تم التخطيط له من قبل،وبعد مجموعة من التنازلات والتواطؤات من طرف اتجاهات سياسية..وبعد أن فتحت الأحزاب التقدمية أبوابها لمجموعة من الانتهازيين الذين ينضحون بالفراغ على المستوى السياسي والأخلاقي،كان لابد،في لعبة الاستقطاب،أن تُفتح المباريات الإبداعية،المُقَنّنَة أهدافها سلفا،البابَ لمجموعة من الانتهازيين في ميادين الإبداع المختلفة..لقد تم تقزيم دور الشاعر حتى انحصرت الهموم في تجميل اللغة،بل في هموم تافهة أو الكتابة للجوائز... ومن هنا بدأ تهذيب
وقلم أظافر القصائد المتوحشة،وانطلقت سبة "عقلية السبعينات" من أفواه
تلاميذة ليوطي وكتاكيت دفء جلباب الآباء غير المبجلين...فبدأ التهميش يطال من
لم يرضخ..وتحالف المخزن الإداري والسياسي مع المخزن الثقافي الذي تمثله الوطاويط التي احتلت حبل الغسيل وتسللت إلى المواقع،متسلحة بشهادات التدجين وحسن السيرة والسلوك،حتى بلغ بها الأمر اليوم لفتح سجلات للحالة المدنية لمن تعتبرهم أبناء شرعيين،أي من تعتبرهم شعراء...حتى أكاد أتصورها تعطي شهادة "الخُلُوق"[أي شهادة الولادة] وشهادة الحياة والوفيات..ومن يدري قد تقوم بعملية الختان وعقد القران...


س 2: ماذا يعني أن يكون الشاعر بدون جواز سفر..؟



ج:الإنسان السوي ضد السكونية،فكيف بالشاعر..فحتى لو أغلقوا عليه كل المنافذ فإنه سيذهب أبعد من الجدران التي أحاطوه بها..سيذهب أبعد من قيوده..وسيذهب أبعد من الحدود،بل أبعد من جسده...

الإبداع صنو الحرية والمبدع هو الكائن العاشق للحرية بامتياز،وأي شعور بالنقص في هذا الجانب قد يؤديه في نفسه وإبداعه إيذاء بليغا،لذا محكوم عليه أن يبدع حريته من بين زرد السلاسل...

شعور فظيع ذلك الذي يشعر به الإنسان عندما يُجرّد من حقوقه،بحق أو بدون حق،والأفظع تجريده من حريته في التنقل،منعه من زيارة مدن أخرى ونساء أخريات والأصدقاء الذين توزعتهم الطرقات فوق هذا الكوكب...

الشعور بأنني محروم من توسيع دائرة ذكرياتي،ومساحة الأرض،وعدد الذبذبات والروائح والمشاهد وعدد أسماء النساء والرجال والدروب التي أرغب في السير فيها...من أجل كل هذا وغيره، من أجل أن أشعر بحرية أكبر خضت نضالا مريرا منذ صيف 1990 من أجل الحصول على جواز سفري،بمساندة مجموعة من الصحف الوطنية والمناضلين والمبدعين داخل وخارج الوطن،وقد نلت هذا الحق ربيع 1998 حتى ولو كان كما يُقال: "حدو طنجة..."...

إلا أن الحرمان من جواز السفر لا يعني أبدا تجريد المبدع / الإنسان من حرقة البحث عن الحرية،ومن مغادرة الحدود، لقد سلكت جميع السبل للقبض على حريتي من خلال الحلم والقراءات والمراسلات واستقبال أصدقاء من بلدان أخرى أو الهجرة كل ليلة عبر الفضائيات...لقد كنت في حاجة للتحايل،على نفسي وعلى الواقع،من أجل اقتفاء آثار القصيدة،وآثار الأشياء الفاتنة...فأصبح الإصرار على الحرية بحث عن الإبداع،والبحث عن الشعر بحث عن الحرية...

إلا أن الحرمان من جواز السفر له سلبياته على المستوى الواقعي،إنه يفتح المجال للكثير من الفارغين والأدعياء للسفر باسمك ومحاولة سرقة سر أسرارك
عندما يتحدثون باسم القصيدة هناك وأنت مقيدا هنا في إقامتك الإجبارية غير المعلنة...


س3: ودور اتحاد كتاب المغرب والجمعيات الثقافية في رفع المعاناة والمنع..؟



ج : لقد توصلت برسالة في شهر ماي 1997 تحمل قرار قبول عضويتي داخل اتحاد الكتاب فلم أشاء أن أبدأ بطرح مشاكلي كمدخل لهذا القبول الذي انتظرته منذ المؤتمر العاشر...أما بخصوص الجمعيات الثقافية،فقد راسلت فعاليات المهرجان الشعري السادس لمدينة سلا الذي أقامته جمعية الشعلة أيام 27-28-29 مارس 1998 دون أن تصدر عن كلمته الختامية التي تلاها قمري البشير أية إشارة... وفي هذا المضمار نفسه سبق وأن وضعت ملفا يضم النداء الأول في يد أعضاء جمعية بيت الشعر يوم 8 أبريل 97 وفي جلسة جمعتني يوم 16 أبريل 1998،بمناسبة الذكرى الأولى،بالشاعر الفرنسي برنار نويل وبالأستاذ محمد بنيس الذي سلمته ملفا ثانيا،تحدث هذا الأخير لبرنار نويل عن كون بيت الشعر طرح قضيتي على الوزيرة المكلفة بالشؤون الثقافية...وفي لقاء آخر بمناسبة معرض الكتاب بالبيضاء،بعد حصولي على جواز سفري،قال لي [أقصد الشاعر محمد بنيس] بأن البيت وضع ملفي بيد السيد محمد أوجار وزير حقوق الإنسان...؟؟؟؟؟؟؟؟

كأصدقاء داخل هذه الإطارات ساندني الكثيرون كمبدعين وكصحفيين...أوجه شكري مرة أخرى للجميع...



س4: كيف تتلقى أغنية "بدون جواز سفر"؟

ج : أعتبر نفسي،وبدون ادعاء،أحد الذين عملوا على نشر الأغاني الملتزمة
والتعريف بكل من "الشيخ إمام" و"مصطفى الكرد" و"قعبور"و"مارسيل خليفة"...وذلك عندما أسست سنة 197مجموعة "الطلقة الغنائية" صحبة الفنان المقتدر"كدّا محمد" [جمعية لم تطلب ترخيصا من السلطات أبدا] هذا التأسيس الذي تعزز سنة 1980 بالصوت الملتزم الرائع"امكيشري عزيز" وهي المجموعة التي ستتعزز فيما بعد بكل من سعيدة قاوتي وحليمة حامض والطفلتين ،آنذاك،لمروني جميلة وبشرى...وكان من ضمن الأغاني التي كنا نؤديها أغنية "بدون جواز سفر"...وقد شكلنا وقتها إلى جانب الثلاثي وليد ثريا دانيال،والثنائي إسماعيل ثريا الحضراوي (مغنية الملحون الحالية) وسعيد المراكشي...كتيبة تتصدى للأغنية الفارغة،لذا لم يكن من قبيل الصدف أن أبدأ ندائي الأول من أجل الحصول على جواز سفري بأبيات من هذه القصيدة/ الأغنية،هذا النداء الذي نشرته الصحافة الوطنية خلال سنة 1997...
أغنية جواز سفر رافقتني عبر كل جولاتنا التي قمنا بها للمدن المغربية في إطار التبشير بعالم تسوده العدالة والديمقراطية..

وهي واحدة من الأغاني التي كنا نتحلق حولها من أجل إحياء ذكرى من ذكرياتا المؤلمة المجيدة...وقد كانت تلامس أوتار الروح لبحر هائل من الناس،فكيف بالذين تنطبق على مسار حياتهم...

بدون جواز سفر

ولدت كبرت

رأيت بلادي تصير سجونا...

إنها من الأغاني الملتزمة التي تهزني،مثلها في ذلك مثل أغنية أناديكم،أو أغاني الشيخ إمام "تشي غيفارا" أو "قهوة ريش"...

إنها أغاني تعري أقنعة الزيف وتعيد إلى حدائق النفس الربيع وشموس التحدي من جديد وتحارب التسوس والتعفن الذي تزرعه أغاني الفراغ وأغاني:"خويا الجدارمي عش
غا انت أحنا أرجانا فالله..."..
أغنية بدون جواز سفر كانت تشعرني بوحدة مصيري ومصير الكثير من الشرفاء المحاصرين في فلسطين والشيلي وغيرهما،ومن داخل هذا الشعور كانت تكبر مساحة حريتي...

وأغتنم هذه الفرصة لأوجه نداء من أجل انطلاق حملة لإحياء أشرطة الأغاني الملتزمة بواسطة الجمعيات والمنظمات الشبابية،حتى لا يضيع هذا الإرث العظيم وتنتصر أشرطة المجون والهلوسة والدجل...



س5 : علاقة "السجن" بالقصيدة في تجربة توفيقي بلعيد؟



س : القصيدة عندي سابقة على السجن،ذلك أنني حاولتها منذ سنة 1965 وأنا بمدرسة"الأباة"الابتدائية [بحي سيدي البرنوصي ] ،وعندما تم اعتقالي يوم الجمعة 10مارس1972 كنت أبلغ من العمر تسعة عشر سنة،كانت التجربة الإبداعية مليئة بالثقوب وبالصراخ وبأخطاء البدايات،لكن وجودي بين خيرة المناضلين والمثقفين لعب دورا كبيرا في تطور تجربتي...

تجربة السجن مُرّة يخفف من مراراتها وهمجيتها،في تلك الظروف القاسية،إيمانك بقضيتك،ووجود رفاق مخلصون قادرون على حمايتك من التآكل،مستعدون على طول الخط التدخل من أجل إنقاذك من الانزلاق ومن اليأس،هنا تلعب الجماعة لعبتها في تحويل السجن إلى مدرسة تنتج الشعراء الحقيقيين والثوار الحقيقيين أو تعيد إنتاجهم وإنضاجهم...[عندما نسي المناضلون دروس تجربة السجن أصابهم التآكل والانحراف...]..فمن قلب السجون تظهر علامات الانحراف وعلامات العافية...

من قلب السجون ينبع الثوار

يا شعب الثوار هدم الأسوار

هدم الإقطاع معقل الاستعمار...

هذا واحد من الأناشيد التي كنا نرددها داخل السجن ،والحناجر التي كانت تصدح به متحدية الجلاد،هي التي عمل أصحابها،كل من موقعه ، على أن تندرج قصيدتي في صراعنا الطبقي ضد الناهبين والمستغِلين والمُغْتصِبين،وأن ترتفع فوق "الغزل" والأمراض الذاتية والتفاهة...لتعانق هموم الناس الطيبين،بدون وهم أو ادعاء...

لقد كنت محظوظا، إذ كنت ضمن مجموعة من خيرة الرفاق أولتني عناية خاصة لأن تقوية الرفيق وتحصينه وتقويمه [من خلال النقد والنقد الذاتي] كانت جزء من تقوية خط المواجهة وتوفير فرص اكبر للصمود والمقاومة...

لقد أثمر الإحتضان فنشرت أولى قصائدي أواخر سنة 1972 بالمنشورات السرية لليسار،ونشرت أولى قصائدي العلنية سنة 1975 بالملحق الثقافي لجريدة العلم(2)...

إنني أتساءل اليوم كيف كانت ستصبح تجربتي الإبداعية بدون محنة السجن؟



س 6 : ما هي العلاقة"الفكرية" التي يقيمها الشاعر توفيقي بلعيد بكل من الشاعر عبد اللطيف اللعبي..ناظم حكمت..محمود درويش..أدونيس؟



ج :هؤلاء كلهم عاشوا تجربة الإبداع والمواجهة من أجل إعلاء قيم الجمال والعدل والنبل، وإن بمستويات مختلفة،وذاقوا مرارة الحصار والقهر وكان سلاحهم في وجه الوضاعة إبداعاتهم الخالدة...إنها الخصائص التي جعلتني أنصت لأصواتهم باهتمام كبير،لما لهم من مصداقية ،وقد تجاوزت علاقتي بهم العلاقة الفكرية إذ أن بعضهم جمعتني وإياه الهموم المشتركة المباشرة مثل عبد اللطيف اللعبي ومحمود درويش...ذلك أنه منذ أبريل سنة 1972،يوم وقعت عيني على الرجل الملتحي الذي تغطي عينيه العصابة ونحن ننشد داخل سيارة البوليس التي تنطلق بنا، من مخفرنا السري،نحو السجن:"عم الضوي الشمس والجماهير في السجن..." وعلاقتي بعبد اللطيف اللعبي تداخلت فيها عناصر المحنة التي مررنا بها بعناصر الإبداع، خلال الخمس سنوات التي قضيناها معا استفدت منه كثيرا ومن الرفاق الآخرين، إنني عندما أعود اليوم لكتاباته،أو ما تبقى منها عندي،أحس وكأنني أدخل مدينة أحلامنا المجيدة،حيث يسمو الإنسان فوق جراحاته ويصغر الجلاد...لقد كنت في بداية الطريق وكان اللعبي اسما معروفا كمناضل وشاعر،ورغم فارق السن الذي كان بيننا لم أشعر منه بذلك التعالي الذي نجده عند الديوك الرومية اليوم..لذا استطاعت كلماته أن تنفذ إلى داخلي...وتطورت علاقتنا وهي لازالت ترفع من إيقاعها حتى هذه الساعة...

عبد اللطيف اللعبي من شعراء القضايا الكبرى ، قضايا الشعوب وقضايا الإبداع منذ مجلة "أنفاس" مرورا بديوانه الأول وبما قدمه لشعر المقاومة الفلسطينية حتى ديوانه الأخير"شجون الدار البيضاء"...وأستطيع أن أقول بأن من خلاله ومجموعة من الرفاق تعرفت على الشاعر العظيم ناظم حكمت الذي ترك لنا المثل الحي بين وحدة القول والفعل، وكيف يجب أن يكون الشاعر ملتزما إلى آخر شطآن الالتزام والعطاء للحد الذي قضى أكثر من نصف عمره بين السجون والمنافي..لقد شكل نبراسا في طريقي المليء بالمتاعب والأشباه...

لقد كان ضمن الدوافع التي دفعت بي للنضال،إلى جانب وضعي الاجتماعي، هو هزيمة الأنظمة سنة 1967، ولن يتضح لي البديل إلا بزيارة مكتب مساندة الثورة الفلسطينية [مقر فرع الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني المسلح] الذي كان بالدار البيضاء [حدث ذلك في بداية السبعينات]،من هنا فُتحت لي نافذة على عالم آخر وأسلوب آخر في النضال ومن هذه النافذة أطللت على شعر فتي الثورة:"عفوا فلست بسيدي / حتى تكون رسالتي عنوانها يا سيدي..." على سميح القاسم،أحمد دحبور..محمود درويش:"سجل أنا عربي/ورقم بطاقتي.../ وأطفالي ثمانية..."

وبلغنا درجة من التوحد عندما كنت بزنزانتي واكتشفت في لحظة ضيق قصيدة:"يا دامي العينين والكفين / إن الليل زائل / لا غرفة التوقيف باقية / ولا زرد السلاسل / نيرون مات ولم تمت روما / بعينيها تقاتل / وحبات سنبلة تجف / ستملأ الوادي سنابل.."...ومن يوم أن أعلن محامي الثورة الفلسطينية بمحاكمة الدار البيضاء صيف 1973 بأن :"أنيس بلا فريج ومحمود البوعبيدي وتوفيقي بلعيد هم طلائع الثورة الفلسطينية بالأحياء الشعبية.." وكل ما يأتي من أرض القديسين والشهداء يؤثر في مساري الشعري والوجداني...إلا أن اتفاقية أوسلو وما تلاها من رفع الأصابع لتعديل الميثاق الوطني الفلسطيني الذي هو ميثاقنا كلنا[حز الأمر في نفسي كثير..]..أما أدونيس،

أقصد علي أحمد سعيد،فقد اكتشفته هو أيضا داخل السجن،من خلال ديوانه"المسرح والمرايا".. لم أفهمه في البداية [كان سني وقتها لا يتجاوز التاسعة عشر ربيعا..] لكنني همت بأسلوبه وبطريقته في مسرحة تجربته الشعرية،وبعدها توالت قراءاتي له لكنني تركت دائما مسافة بيني وبينه،إلا أنني لا أنكر بأنني استفدت من تجربته،وقد أحببته لحد أن أصغر أبنائي يحمل اسم"أدونيس"،ومكتبتي تعج بجل دواوينه...



س 7:كيف تقيم وضعية الشعر بالمغرب بعد نشر ديوانك "منعطفات سائبة"،إنتاجا وتلقيا؟



ج:في البدء يجب أن نؤمن بأن الشعر منبع سري،جدول يمتد في الخفاء،ينشده الثوار في مواقعهم وقبل بدء أي عمل بطولي،ينشده العشاق...ويحمله الشهداء معهم إلى مثواهم الأخير من ضمن أسرارهم العديدة،ويعبر دواخل الأبكم دون أن يجد الوسيلة للبوح فتنهمر العَبرات...الشعر يزهر أحيانا في ليل الخطيئة وفجر التوبة الصافي..نجمة السماء المقدسة...وما ينفلت من تحت يد الرقيب هو ما يصل إلينا على شكل قصائد نسميها تجاوزا شعرا،وما هي في الواقع سوى ثرثرة على ضفاف ذلك النهر أو حذلقة على شطآن اللغة..القليلون والقليل من القصائد هي التي تحمل رائحة المنبع الأول...لذا عندما أحاول تقييم وضعية الشعر بالمغرب،أجد نفسي أطر أسئلة من مثل:أي شعر يعنون عندما يصنفون؟ علما أن هناك مِنَ الأصوات مَنْ ضُرِبت عليها حصارات التعمية والصمت،وأخرى تسندها هذه المؤسسة أو تلك أو تدخل تحت حماية هذه"القبيلة الإبداعية" أو تلك...

الشعر بخير إذا ما رُفعت عنه يد الوصاية،وابتعد الشاعر عن الانحشار في هذا الدكان أو ذاك من تلك التي تدعي تمثيل الإبداع والشعر وهي لا تسعى سوى لخدمة هذا الاسم أو ذاك...

الشعر بخير نحس ذلك في ما نتبعه من ما ينفلت من التهميش والرقابة الملشاوية،ذلك الذي يطلع علينا في تجارب الشباب وفي المجامع الشعرية التي اقتطع أصحابها ثمنها من رغيفهم...

بالنسبة لي فقد يعود نجاح ديواني"منعطفات سائبة" إلى المسار الذي قطعته تجربتي المريرة مع المنابر والمؤسسات [ دفع الإبداعي ضريبة عن انتمائي السياسي لليسار الجذري] يعود أيضا إلى لغتي التي لم تهادن يوما..وأيضا،وبشكل عميق،لعشاق الكلمة الملتزمة وللأصدقاء ولمجموعة من المواطنين الذين اقتنوا نسخا منه حتى قبل أن يُسحب من المطبعة،حيث تم اقتناء النسخة منه أحيانا بين مئاتين وخمس مائة درهم..وقد لعبت المنابر الثقافية ،فيما بعد،والجمعيات دورا،جعلني أبيع ألف نسخة من أصل الألفين التي أصدرتها على نفقتي،في وقت وجيز،بل حتى قبل سحبها كلها من المطبعة...

إن الشعر بخير عندما نوظفه كسلاح في قضية من القضايا النبيلة،وعندما نؤمن به كقضية ضمن قضايانا الكثيرة...وأنا على يقين بأن الشاعر الذي يحفر على الجدار بأظافره لإثبات الذات هو الذي سيبقى في بال الناس والزمن بعد أن تنتهي مهرجانات الزيف والتزلف...

فأنا يمكن أن أفهم أن يكون لأحدهم أب يرعاه ويحميه في حقل السياسة والوظيفة،لكنني لا أقبل أن يكون للمبدع أب...فالشاعر هو الكائن الذي يخرج،بمساعدة الطبيعة،من صلب ذاته،ولا يدين بأي دين لأي أحد...اللهم فيما يتعلق بالاستفادة من تجارب الآخرين...والإنصات لكل الأصوات ليتبين ذلك النداء الذي خصته الحياة به دون سواه..نداء قادم منذ الأزل ذاهب نحو الأبد،لن يقدر على إيقافه أحد أو حتى تقليده..لأن كتابة المبدع كالبصمة قد تتشابه لكنها متميزة عن غيرها،لذا لا يجب الخوف من المزاحمة..اتركوا مليون زهرة تتفتح وألف مدرسة تتبارى...



س 8:ما معنى أن تكتب القصيدة في السبعينات بالمغرب؟



ج:أن تكتب القصيدة في السبعينات معناه أن تكون منخرطا في مشروع واحد من الأحلام المشرعة على التغيير،تغيير العقليات،تغيير الأسلوب،تغيير الواقع...لقد اخترتُ الكتابة من زاوية الالتزام فاصطففت إلى جانب المنخرطين في مشروع الحلم الكبير،وهو ما يستوجب طرح الأسئلة من مثل لمن نكتب؟ أي الإصرار على عملية التواصل..هذا الاختيار يفرض عليك تقطيع حروفك من غابة اللهب،وأن تكون قادرا على أن يكون الشعر ممارسة حياتية فوق أرض الواقع،ذلك أن الشعر سلوك أكثر منه تحبير للصفحات..وهو ما يستدعي الانخراط في صياغة نشيد التحدي الصارخ بدل نصوص المهادنة والنكوص..لقد كان للسبعينات مناخها الخاص بالنسبة للزاوية التي أنظر منها والتي لم أتخلَ عن النظر منها وإن كنت قد أنْضَجْت رؤيتي للأشياء انطلاقا من التحولات والتحويلات التي حدثت...

سيُطرح سؤال القصيدة المنشور والصراخ والمباشرة..سأرد بأن المعركة الشرسة كانت تتطلب حناجر تصدح بالنشيد والاحتجاج،كان المطلوب أن نرفع عاليا أصواتنا بأسماء الشهداء الذين سقطوا ة على أرض المعركة،حتى لا تضيع في ضجيج الأحذية ويراكم عليها الأشباه أكوام الصمت...إن الظروف فرضت أن تكون القصيدة ملتحمة بالشاعر المنخرط في زخم الجموع المتحركة نحو الخلاص..إن اتساع هامش الحرية الذي نعيشه اليوم هو نتاج لذلك الزخم بعطاءاته على المستوى الثقافي والإبداعي والسياسي...إن سخرية التاريخ أن يستفيد من المكتسبات أغلب الذين لم يضحوا من أجلها...





س 9 :بعد هذا التعب الجميل كيف تتلقى ومض القصيدة الفاتن؟



ج:يأتي ومض القصيدة من داخلنا،من طراوة الطفل المشاغب الكامن فينا...وعندما يصيب التعبُ ذلك الطفل،تبدأ نار "بريمثيوس" تخبو..ولأنني تلقيت عدة طعنات غادرة..وعاندت ما مرة ووقفت,,ولأنني خُدعت ما مرة ورفضت أن أفقد سذاجة الطفولة وصفاءها،فأعاد،الأشباه والفارغون ومن بقلوبهم مرض،عملية الخداع من جديد..لذا يشعر طفلي بنوع من التعب،وأشعر بغياب اليقين..لذا حولت الدفة نحو الرواية..إنني أستريح بالعودة إلى نصوص بدأتها منذ أكثر من عشرين سنة (1973) داخل السجن،أو منذ أكثر من عشر سنوات (1984)،وقد عملت على إصدار واحدة منها تحت عنوان :"أوراق رجل من زماننا" على صفحات جريدة المنظمة في حلقات خلال رمضان (يناير1997) تتطرق لتجربة الاعتقال السياسي...لدي مجموعات شعرية تنتظر،لكنني أحلم بالقصيدة الأجمل كما يحلم العاشق بالمرأة التي سيتحقق معها الحب في أسمى وأبهى صوره...وأنا على يقين أن لحظة انبجاس الينبوع الشعري ستحدث..إنها لحظة الحب العظيم القادر على إحداث المعجزة...

أما إذا كنت تقصد ومض قصائد الشعراء الآخرين..فأنا الآن مثل ربان باخرة ضائعة في اللجة أتلقى القصائد كإشارات على وجود اليابسة فأفهم بعضها وأنتشي لما ترمز إليه:استشراف المستقبل...وتضيع الومضات الأخرى في ضجيج الزحام...

وشكرا على أنك حركت الجمر الذي كان يكسوه الرماد...

أنجز هذا الحوار صيف 1998











......................................................

(1) نُشر هذا الحوار بجريدة"المنظمة" عدد 533 الأربعاء30 شوال1419الموافق17 فبراير1999

(2) المقصود قصيدة:"رحلة عبر خطوط النار الأمامية/الجمعة 25ماي1975بتوقيع التأباء السباعي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الشاعر توفيقي بلعيد يطلق النار ويشعل حرائق السنوات المجيدة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» رسالة الى الشاعر توفيقي بلعيد
» موقع الشاعر والروائي والصحفي(توفيقي بلعيد)
» موقع الشاعر والاديب توفيقي بلعيد(فضاء الكلمة)
» الشاعر والروائي والصحفي والاديب المناضل توفيقي بلعيد معنا
» تهنئة من القلب الى توفيقي بلعيد

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أدبيات وابداعات عربية للنساء والرجال (منتدى القلب) :: الشعر :: أدبيات فنية :: حوار الادب-
انتقل الى: